{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى}
الحياة قادمة
نورة الخاطر
حكاية تتحدث عن نفسها,منذ زمن طويل كانت هناك مدينة يحكمها حاكم وكان أهل هذه المدينة يختارون الحاكم بحيث يحكم فيهم سنة واحدة فقط وبعد ذلك يرسل إلى جزيرة بعيدة حيث يكمل فيها بقية عمره ويختار الناس حاكما آخر غيره وهكذا أنهى أحد الحكام فترة الحكم الخاصة به وألبسه الناس الملابس الغالية وأركبوه فيلا كبيراً وأخذوا يطوفون به في أنحاء المدينة قائلين له وداعاً وكانت هذه اللحظة من أصعب لحظات الحزن والألم عليه وجميع من كان قبله ثم بعد ذلك وضعوه في السفينة التي قامت بنقله إلى الجزيرة البعيدة ،حيث يكمل فيها بقية عمره ورجعت السفينة إلى المدينة وفي طريق العودة اكتشفوا إحدى السفن التي غرقت منذ وقت قريب ورأوا شاباً متعلقا بقطعة من الخشب عائمة على الماء فأنقذوه وأخذوه إلى بلدتهم وطلبوا منه أن يكون حاكما عليهم لمدة سنة واحدة ولكنه رفض في البداية ثم وافق بعد ذلك وأخبره الناس على التعليمات التي تسود هذه المدينة وأنه بعد مرور 12 شهراً سوف يحمل إلى تلك الجزيرة التي تركوا فيها ذاك الحاكم الأخير بعد ثلاث أيام من تولي الشاب للعرش في هذه المدينة ،سأل الوزراء هل يمكن أن يرى هذه الجزيرة حيث أرسل الحكام السابقون؟ ووافق الوزراء وأخذوه إلى الجزيرة ورآها وقد غطت بالغابات الكثيفة وسمع صوت الحيوانات الشريرة وهي تنطلق في أنحاء الجزيرة ،نزل الحاكم إلى الجزيرة ،وهناك وجد جثث الملوك السابقين ملقاة على الأرض ،وفهم القصة ،بأنه ما أن يترك الحكام السابقون في الجزيرة أتت إليه الحيوانات المتوحشة وسارعت بقتلهم والتهامهم عندئذ عاد الحاكم إلى مدينته وجمع 100 عامل أقوياء وأخذهم إلى الجزيرة وأمرهم بتنظيف الغابة وإزالة جثث الحيوانات والحكام السابقين وإزالة قطع الأشجار الصغيرة وكان يزور الجزيرة مرة في الشهر ليطل على سير العمل وكان العمل يتقدم بخطوات سريعة فبعد مرور شهر واحد أزيلت الحيوانات والعديد من الأشجار الكثيفة وعند مرورالشهر الثاني كانت الجزيرة قد أصبحت نظيفة تماماً. ثم أمر الحاكم العمال بزرع الحدائق في جميع أنحاء الجزيرة وقام بتربية بعض الحيوانات المفيدة مثل الدجاج والبط والماعز والبقر ... الخ ومع بداية الشهر الثالث أمر العمال ببناء بيت كبير ومرسى للسفن وبمرور الوقت تحولت الجزيرة إلى مكان جميل وقد كان الحاكم ذكياً فكان يلبس الملابس البسيطة وينفق القليل على حياته في المدينة في مقابل أنه كان يكرس أمواله التي وهبت له في إعمار هذه الجزيرة وبعد مرور 9 أشهر جمع الملك الوزراء قائلاً: إنه يعلم أن الذهاب للجزيرة يتم بعد مرور 12 شهرا من بداية حكمه. ولكنه يود الذهاب إلى الجزيرة الآن ولكن الوزراء رفضوا قائلين :حسب التعليمات ،لابد أن تنتظر 3 شهور أخرى ثم بعد ذلك تذهب للجزيرة، مرت الثلاثة شهور واكتملت السنة وجاء دور الحاكم لينتقل إلى الجزيرة ألبسه الناس الثياب الفاخرة ووضعوه على الفيل الكبير قائلين له وداعاً. ولكن الحاكم على غيرعادة الحكام السابقين كان يضحك ويبتسم وسأله الناس عن ذلك فأجاب بأن الحكماء يقولون: « عندما تولد طفلاً في هذه الدنيا تبكي بينما جميع من حولك يضحكون فعش في هذه الدنيا واعمل ما تراه حتى يأتيك الموت وعندئذ تضحك بينما جميع من حولك يبكون فبينما الحكام السابقون كانوا منشغلين بمتعة أنفسهم أثناء فترة الحكم كنت أنا مشغولاً بالتفكير في المستقبل وخططت لذلك وقمت بإصلاح وتعمير الجزيرة وأصبحت جنة صغيرة يمكن أن أعيش فيها بقية حياتي بسلام.نافذة ضوء/لنورة الخاطر:
هي الحياة وكل في مناكبها
كالشمس في فلك الترحال مأسور
ندور والكوكب السيار يأخذنا
لخير ماوعــــــد الرحمن من دور
برحمة الله غفران ومقربة
وصفو عيش ببرد العفو والنور.
جريدة اليوم
الخميس 1429-11-29هـ الموافق 2008-11-27م
http://www.alyaum.com/issue/article.php?IN=12949&I=633160&G=1